استقبل الصحفيين المقربين من النظام السوري خبر مقتل إسماعيل هنية بالتشفي والسخرية من نهاية دمية قطر أو البيدق الفلسطيني الذي استخدمته الدوحة في حربها ضد دمشق.
وكانت سوريا الأسد قد ابتعدت بنفسها عن حرب غزة، عكس ايران وحزب الله وجماعة أنصار الله في اليمن والحشد الشعبي الذين كانت مشاركتهم فعالة.
لماذا تبتعد سوريا بشار الأسد عن ايران وحزب الله؟ وما السر وراء هذا التراجع من دمشق؟ ولماذا لا أحد يتحدث عن دمشق في خضم المواجهة الإيرانية الإسرائيلية؟
سوريا ساحة مواجهة إسرائيلية إيرانية
من وقت لآخر توجه إسرائيل ضربات لمواقع عسكرية ايران في دمشق وسوريا، ومبدأ تل أبيب واضح: لن نسمح بالتواجد الإيراني في جارتنا الكبرى، ولن نسمح بنقل الأسلحة إلى حزب الله.
لعبت سوريا دوراً مركزياً في الحروب العربية الإسرائيلية المتعددة الجبهات في الأعوام 1948 و 1967 و 1973.
بالإضافة إلى ذلك، دخل الجيش السوري في صراع مع إسرائيل في لبنان في أوائل الثمانينيات، ورغم أن مصر والأردن وقعتا في نهاية المطاف اتفاقيات سلام مع إسرائيل، إلا أن سوريا لم تفعل ذلك.
منذ عام 1965، بدأت سوريا برعاية حركة فتح، التي استخدمت الأراضي السورية لشن هجمات ضد المدنيين الإسرائيليين في المجتمعات الحدودية.
وحاولت سوريا أيضًا تحويل مصادر مياه نهر الأردن، والتي كانت مهمة للزراعة الإسرائيلية، حيث حاولت ضرب الموارد المائية التي تعتمد عليها إسرائيل قبل أن تنجح الدولة العبرية في مشاريع تحلية المياه.
إقرأ أيضا:الحقيقة وراء الحرب الإسلامية المسيحية ضد مؤسسة تكوين الفكر العربيوكان انتصار إسرائيل وخسارة سوريا المهينة لمرتفعات الجولان في عام 1967 قد حفز النظام السوري للانضمام إلى الهجوم المصري المفاجئ على الدولة اليهودية خلال حرب يوم الغفران في عام 1973.
استضافت دمشق حركة حماس وكل الفصائل الفلسطينية المسلحة ودعمتهم لمواجهة إسرائيل، وتحالف النظام السوري مع نظيره الإيراني الذي استخدم القضية الفلسطينية لنشر التشيع.
الحرب الأهلية السورية التي استنزفت دمشق
لقد استنزفت سنوات الحرب الأهلية الجيش الوطني السوري الذي كان قوياً ذات يوم، مما أدى إلى تقليصه بشكل أساسي إلى “جيش الأسد”.
ويواصل الرئيس بشار الأسد، الذي وصل إلى السلطة في عام 2000، قيادة سوريا بدعم من حلفائه، مثل روسيا وإيران.
وحاليا تواصل روسيا سحب قواتها من سوريا لحاجتها إلى الجنود والعتاد في أوكرانيا حيث تورطت ثاني أكبر قوة عسكرية في العالم.
ومن جهة أخرى تتلقى ايران ضربات قوية وفتاكة من الجيش الإسرائيلي في سوريا، واصبح التواجد الإيراني مهددا في سوريا فيما لا تبدي روسيا انزعاجا وهي التي سحبت أنظمة اس 300 الدفاعية.
في عام 2011، دمرت الحرب الأهلية السورية الأمة وحولت جيشها الذي كان قويًا في السابق إلى لاعب إقليمي صغير نسبيًا، وأصبحت سوريا في الأساس دولة تابعة لروسيا وإيران.
على مدى العقد الماضي، أصبحت سوريا ساحة معركة مركزية بين إيران وإسرائيل، لقد استثمر النظام الإيراني موارد كبيرة في إنشاء جبهة عسكرية جديدة ضد إسرائيل من الأراضي السورية.
إقرأ أيضا:اسبانيا تعترف بفلسطين: لماذا الآن وهل مدريد صادقة؟وردت إسرائيل بشن هجمات جوية على أهداف عسكرية تابعة لإيران في جميع أنحاء سوريا وخارجها.
التهديد الإسرائيلي لبشار الأسد
وقال أحد المحللين من إسرائيل: “بشكل عام، مواجهاتنا مع السوريين ليست مباشرة، نحن نهاجم أشياء في سوريا مرتبطة بإيران وحزب الله، وليس سوريا نفسها في الواقع”.
وحتى الآن لم تندلع الحرب بين البلدين رغم ضرب إسرائيل لمواقع إيرانية في سوريا، ولا تهدف تل أبيب إلى اسقاط النظام السوري.
وكي لا تتهور سوريا وتشارك في حرب غزة، تلقت القيادة السورية تهديدا من إسرائيل عبر روسيا والإمارات تفيد بأن أي هجمات سورية مباشرة ضد إسرائيل تعني تصفية بشار الأسد شخصيا.
وكان رد دمشق واضحا، وهي أنها ستلتزم بسياسة النأي عن ما يجري في القطاع الذي تديره حركة اخوانية حاولت اسقاط النظام السوري في الحرب الأهلية.
التقارب السوري الإماراتي
مع توجه روسيا إلى سحب قواتها من سوريا والإنسحاب المرتقب لقوات تركيا من الأراضي السورية، تأمل دمشق في أن تستعيد السيطرة على كافة أراضيها.
تحتاج دمشق إلى مليارات الدولارات لإعادة اعمار البلد الذي دمر بالكامل في الحرب الطاحنة، وهنا يأتي دور الإمارات والخليج العربي.
ستدخل هذه الدول بشروطها وهو اعمار سوريا مقابل امتيازات والإستثمار في البلد الذي سيشهد نهضة خصوصا بعد رفع العقوبات الأمريكية.
إقرأ أيضا:6 تداعيات ناتجة عن اغتيال حسن نصر اللهمن المحتمل جدا أيضا أن تعمل أبوظبي على تحقيق التقارب الإسرائيلي السوري مستقبلا، من خلال الجلوس على طاولة المفاوضات وترسيم الحدود بين البلدين وتطبيع العلاقات رسميا.
سوريا تبحث عن مصلحتها
في خطابه الأخير لم يتطرق حسن نصر الله إلى ذكر اسم سوريا باعتبارها ساحة من ساحات محور المقاومة التي ستشارك في الرد الإيراني على إسرائيل.
وتراقب دمشق التطورات التي تبحث من خلالها على ما يحقق لها المصلحة، ومع ارتفاع شعار سوريا أولا، يبدو بشار الأسد أقل اندفاعا للمشاركة في أي مغامرة إيرانية بالشرق الأوسط.
وبينما تشير التوقعات إلى أن إسرائيل ستقضي على حركة حماس، ترتفع فرص توحيد الفلسطينيين تحث حكومة رام الله، وسيتم اعمار قطاع غزة وتحويله إلى سنغافورة الشرق الأوسط ودفع البلدين إلى حل الصراع بينهما.
ولدى السعودية مبادرة من أجل تحويل الشرق الأوسط إلى أوروبا جديدة، لكنها تتطلب أن تتوقف ايران عن التدخل في شؤون الدول العربية وبالتالي التخلي عن أدواتها.
وقد تكون حرب غزة الأخيرة نفقا مظلما للشرق الأوسط لكن إذا نجحت إسرائيل في ضرب ايران بسوريا وغزة وحشد الضغط الدولي ضد أنصار الله حينها ستقفز دمشق إلى حزب المطبعين والباحثين عن مصالح الشعوب بعيدا عن الشعارات الفارغة.
إقرأ أيضا:
كيف انتقمت سوريا الأسد من حركة حماس في حرب غزة؟
روسيا تؤيد الضربات الإسرائيلية على سوريا لطرد ايران
بورصة لبنان وسوريا وفلسطين أكبر من بورصة الجزائر!
ثورة الجياع في سوريا تهدد نظام بشار الأسد
رسائل السعودية من القمة العربية وموقفها من أوكرانيا وسوريا