مثل المغرب الذي يمول الصوفية وينشرها في غرب أفريقيا بما فيها نيجيريا والسنغال ومالي، تمول الجزائر الطرق الصوفية وعلى رأسها التيجانية التي أنجبتها والتي تعود أصولها إلى فاس المغربية.
وعادة ما تحرض السلفية الجهادية (داعش مثلا) والسلفية السرورية (الإخوان المسلمون) ضد الحكام العرب وينتشر فكرهم المتشدد في أوساط الشباب خصوصا في ظل حرب غزة.
مشكلة المغرب والجزائر مع السلفية
وتتهم تلك الفرق السلفية الحكام العرب بالخيانة والكفر سواء لأنهم لم يرسلوا الجيوش لتقاتل إسرائيل، ومن جهة أخرى لان هذه الحكومات تعتمد القانون الوضعي ولا تحكم بما أمر الله.
ومن المعلوم أن المغرب يملك واحدة من أقوى أجهزة الإستخبارات في العالم العربي ولديه سجل جيد في مكافحة الإرهاب واحباط الهجمات ليس داخليا بل أيضا في أوروبا وأفريقيا.
ومن جهة أخرى لدى الجزائر تجربة مريرة مع الإسلاميين، حيث في انتخابات 1991 فازت الجبهة الإسلامية للإنقاذ التي وعدت الشعب الجزائري ببناء دولة القرآن والسنة والجهاد، وتبع فوزها صراعا مع اليساريين الذين يحكمون البلاد وقام الجيش الجزائري بحل الحزب وحظره وإلغاء نتيجة الانتخابات.
بعد ذلك أسس الحزب الإسلامي المحظور الذي كان يتجه للسيطرة على الجزائر وتغيير نظامها إلى نظام إسلامي وإلغاء البرلمان والديمقراطية، “الجيش الإسلامي للإنقاذ” الذي شن هجمات دموية على الجيش الجزائري والشرطة وموظفي الحكومة.
إقرأ أيضا:هل اللاإنجابية فلسفة شيطانية والتوالد هو الخير؟كما تم اغتيال الرئيس محمد بوضياف الذي جاء من منفاه الإختياري من المغرب، وذلك على يد حارسه الشخصي على الهواء، والذي كان متعاطفا مع الإسلاميين وضد سياسة محمد.
دخلت الجزائر حربا أهلية لمدة 10 سنوات مثل التي حصلت في سوريا مؤخرا، وسميت باسم “العشرية السوداء”، وهي التي راح ضحيتها نحو 100 ألف شخص على الأقل.
من جهة أخرى عان المغرب من الإسلاميين المتشددين، ورغم أن المملكة لم تمنحهم الفرصة للفوضى إلا أنهم شاركوا في تفجيرات الدار البيضاء 2003، وقامت السلطات المغربية بإعادة تأهيل عدد من رموز السلفية ودفعهم إلى التخلي عن تشددهم.
قوة الصوفية في المغرب والجزائر
منذ ذلك الوقت أدركت السلطات الجزائرية أن الجبهة الإسلامية للإنقاذ ليست مجرد حزب أو فصيل إسلامي، لكنها فكر تدعمه أقلام متطرفة من السلفيين والإخوان.
لهذا لجأت الدولة الجزائرية إلى دعم الصوفية، والتي تمثل الإسلام الوسطي الذي لا يتدخل في السياسة ولا يحرض على الحكام.
وعلى رأس الطرق الصوفية التي حصلت على هذا الدعم السخي نجد الطريقة التيجانية ومؤسسها الشيخ أحمد التيجاني، الذي ولد عام 1737 في مدينة عين ماضي بولاية الأغواط (400 كيلومتر جنوب الجزائر العاصمة)، والذي تعلم الصوفية من مدينة فاس المغربية وله سفريات أيضا إلى مصر حيث تعلم من الأزهر بعض الطرق الصوفية.
إقرأ أيضا:كيف يمكن منع الهجرة الى سبتة ومليلية؟وتعد التيجانية ابنة الطريقة الشاذلية والطيبية والناصرية، وهي اليوم منتشرة على نطاق واسع ليس فقط في الجزائر بل في المغرب وغرب أفريقيا.
وتدعم السلطات المغربية الطريقة التيجانية بالأموال خصوصا أتباعها وزاويتها في المغرب وكذلك في عدد من الدول الأفريقية المختلفة.
كما أن الطريقة القادرية التي ظهرت على يد الشيخ مصطفى المختاري الغريسي عام 1786، وكان موطنها يقع في واد الحمام قرب مدينة معسكر، هي من الطرق التي تنتشر في الجزائر.
واليوم هناك 2.5 مليون مريد وأتباع الطرق الصوفية في الجزائر وكان لهم تأثير مهم على إعادة انتخاب الرئيس عبد المجيد تبون ومنع الطريق على المرشح الإسلامي.
كما أن عدد الطرق الصوفية في الجزائر وصل إلى 30 طريقة وأبرزها الرحمانية والتيجانية والقادرية والبلقايدية والشاذلية.
ويرتبط الكثير من المسؤولين الرسميين في الجزائر بأعيان الصوفية، سواء لقناعات اعتقادية أو طلبا لتزكية دينية، خصوصا وأن هذه الطرق تحظى باحترام وتقدير السلطات الجزائرية.
ولا يختلف الحال في المغرب حيث سعت العائلة العلوية الحاكمة على دعم قوي للصوفية منذ عقود طويلة، ويحضر الملك محمد السادس وقبله الملك الراحل الحسن الثاني عددا من الأحداث والجلسات الروحية والدينية في هذه الزوايا الشهيرة.
هناك الكثير من المسؤولين في المغرب يقدمون المال والولاء لهذه الزوايا التي لا تتدخل في السياسة بشكل مباشر لكن وجودها في مصلحة العائلة الملكية التي تدعم الإسلام الوسطي وترفض الخطاب السلفي المتشدد.
إقرأ أيضا:مميزات الشعاع الحديدي الإسرائيلي ومقارنة مع القبة الحديديةأهمية الصوفية في الجزائر والمغرب
تعمل الحكومة المغربية، تحت قيادة الملك محمد السادس، على تعزيز التصوف كجزء من استراتيجيتها لتقديم صورة معتدلة للإسلام.
ويهدف هذا النهج إلى مكافحة التطرف وتأكيد شرعية النظام الملكي، حيث يحمل الملك لقب أمير المؤمنين ويُنظر إليه باعتباره زعيمًا روحيًا.
تستخدم المغرب التصوف لتعزيز العلاقات مع أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، حيث تنتشر التقاليد الصوفية، تنظم البلاد فعاليات دينية وترسل وفودًا للترويج لتفسيرها للإسلام، وخاصة الطريقة التيجانية، التي تتمتع بمتابعة قوية في غرب أفريقيا.
إن التصوف جزء لا يتجزأ من الثقافة المغربية، ويساهم في مزج فريد بين الإسلام السني المالكي والممارسات الروحية التي تحدد الهوية المغربية، وتدعم الحكومة الممارسات والمؤسسات الصوفية لتعزيز التماسك الاجتماعي والتراث الثقافي.
وعلى غرار المغرب، شددت القيادة الجزائرية على التصوف للتخفيف من تأثير الجماعات المتطرفة، ومن خلال الترويج للإسلام الصوفي، تسعى الحكومة إلى تقديم الصوفيين باعتبارهم غير سياسيين وسلميين، وبالتالي الحد من التهديد المتصور من التفسيرات الأكثر تطرفًا للإسلام.
وتستخدم الجزائر والمغرب الصوفية لمكافحة داعش والجماعات الإسلامية المسلحة المنتشرة في مالي والتي تهدد موريتانيا ونيجيريا والسنغال.
ودائما ما تعدد القاعدة وداعش وجماعات أخرى بشن هجمات ضد الجيش المغربي والجزائري، فيما ينشر أذرع الإخوان المسلمون الفكر الذي يحرض الشعبين على الحكومات ويمارسون التقية السياسية.
إقرأ أيضا:
حقائق وأرقام عن المغرب ممول وراعي الصوفية والإسلام الصوفي
الإقبال على علم التنجيم والفنون الصوفية
دليل شامل حول إنجازات الملك محمد السادس خلال 25 عام
الحقيقة وراء الحرب الإسلامية المسيحية ضد مؤسسة تكوين الفكر العربي
فرنسا تعترف بمغربية الصحراء والجزائر تسحب سفيرها من باريس
تيودور هرتزل: الملحد الذي أسس الصهيونية ودعمته الجزائر وفلسطين