إن الشرق الأوسط، المنطقة المليئة بالتوترات الجيوسياسية والنزاعات الدائمة، مشهور بالعلاقة السيئة بين إيران وإسرائيل.
وتشكل هذه الدول، التي تسودها مشاعر الكراهية المتبادلة، حالة غريبة، ألا وهي الاختيار الواضح من جانب إيران بعدم شن هجمات عسكرية مباشرة على إسرائيل، لماذا لا تهاجم إيران إسرائيل؟ على الرغم من الضربات الإسرائيلية الموجعة التي وجهتها لقادة إيرانيين في سوريا ولبنان.
إن استكشاف قرار إيران بتجنب مهاجمة إسرائيل يكشف عن مجموعة متنوعة من الأسباب الاستراتيجية، والاستعداد العسكري، والسياقات الاجتماعية والسياسية.
فكلا الدولتين تتمتعان بقدرات عسكرية قوية، وتشاركان في شراكات تجعل ثمن الصراع المباشر مرتفعاً للغاية، ومليئاً بالعواقب الوخيمة.
الاستعداد العسكري لإسرائيل
لا يعتبر الجيش الإسرائيلي مجرد مالك لتكنولوجيا الحرب الحديثة فحسب، بل إنه مصدر للخطط الاستراتيجية المتقدمة، وخاصة تلك التي تتميز بها أنظمة مثل القبة الحديدية.
ولا يعد هذا النظام الدفاعي سوى بداية لمجموعة واسعة من التقنيات العسكرية المتقدمة التي تستخدمها إسرائيل.
وتزداد هذه المجموعة من الأسلحة أيضاً بفضل شبكة من الشراكات الدولية، حيث تعد الولايات المتحدة داعماً قوياً بشكل خاص.
وهذه الشراكات عسكرية واستراتيجية، مما يمنح إسرائيل مستوى لا مثيل له من القوة التكنولوجية والدعم الدبلوماسي العالمي، مما يعزز دورها كقوة قوية في منطقة مضطربة.
وفي الوقت نفسه، يشكل هدف إيران في الحصول على القدرات النووية محوراً أساسياً لاستراتيجيتها الدفاعية، ويُنظَر إلى البرنامج النووي باعتباره وسيلة أساسية لمنع الهجمات، ولكنه يجعل الخيارات العسكرية الإيرانية معقدة، ويخلطها باحتياجات استراتيجية أوسع نطاقاً تنصح بعدم الدخول في صراع مباشر.
إقرأ أيضا:عودة دونالد ترامب هو انتصار لدولة إسرائيلتعد إسرائيل أقوى دولة في الشرق الأوسط من الناحية العسكرية الواقعية، وهي لوحدها قادرة على هزيمة ايران لأنها دولة عسكرية أقل قوة ولم تحصل على التكنولوجيا الغربية بسبب العقوبات.
الضغوط السياسية الداخلية والخارجية
داخل حدودها، تتعامل إيران مع التأثيرات القاسية للعقوبات الاقتصادية الدولية، وقد ألحقت هذه العقوبات ضرراً بالغاً بالاقتصاد الإيراني، واستنزفت الطاقة وتسببت في ارتفاع معدلات التضخم بشكل مقلق.
كما أدت المشاكل الاقتصادية، كما كان متوقعاً، إلى استياء عميق ومتزايد بين الشعب الإيراني، الذي يرى مستويات معيشته تتراجع.
في بعض الأحيان، يتحول هذا الاستياء إلى احتجاجات واضحة، مما يُظهِر المزيج الخطير من المشاكل الاقتصادية والإستقرار السياسي.
هذا الصراع الداخلي يجبر القادة الإيرانيين على تعديل تركيزهم، وغالباً ما يضعون الاحتياجات الفورية لتهدئة الجمهور على الإجراءات الواسعة النطاق للتحركات العسكرية الدولية.
غالباً ما تؤدي هذه المشاكل الداخلية إلى الإحتجاجات، مما يجعل الحكومة تركز على السلام الداخلي على الإجراءات العسكرية الخارجية.
وخارج حدودها، تشكل شبكة النفوذ المعقدة لإيران من خلال مجموعات مثل حزب الله والميليشيات في جميع أنحاء سوريا والعراق وسوريا واليمن مفتاحاً.
ومع ذلك، تتسبب هذه الشراكات أيضاً في مشاكل دبلوماسية وتحد من قدرة إيران على مواجهة إسرائيل بشكل مباشر دون التسبب في اضطرابات إقليمية أوسع نطاقاً.
إقرأ أيضا:عبثية طوفان نوح في الديانات الإبراهيميةخطر الصراع الكبير
إن مخاطر الصراع الكبير بين إيران وإسرائيل مرتفعة للغاية، ومن المرجح أن يتحول أي عمل عسكري إلى صراع إقليمي أوسع نطاقاً، يشمل العديد من البلدان وربما القوى العالميةـ ويعمل الخوف من مثل هذا النمو كحاجز ضد الهجوم المباشر.
في هذه المرحلة الجيوسياسية الكبيرة، تتمتع الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بنفوذ عميق، وتتردد أصداء أفعالها بقوة عبر اللعبة الإقليمية.
ويستكشف هؤلاء اللاعبون العالميون الرئيسيون، الذين تحركهم الحاجة الاستراتيجية الملحة للحفاظ على الاستقرار في الشرق الأوسط، مجموعة مفصلة من التكتيكات والتحركات الدبلوماسية.
كل عمل، مدروس ومخطط، يهدف إلى تغيير الديناميكيات بلطف في بيئة حيث يمكن لكل عمل وكلمة أن يميل الميزان نحو السلام أو يدفعه نحو الصراع.
إن أفعالهم، التي غالباً ما تكون خفية ولكنها فعالة، مهمة في تهدئة المحادثات المكثفة بين البلدين، ومن خلال العمل الدبلوماسي الذكي، تحاول هذه القوى باستمرار تحويل الصراعات المحتملة إلى فرص للمحادثات، بهدف حل النزاعات بطرق سلمية بدلاً من التصعيد إلى الصراع.
الهجوم الإيراني على إسرائيل يعني نهاية طهران
بينما تملك ايران أنظمة صاروخية هجومية متقدمة إلا أنها لا تملك سلاحا جويا متقدما لضرب إسرائيل، حيث أنها ضعيفة على مستوى الطائرات بدون طيار والطائرات العسكرية الهجومية.
إقرأ أيضا:من الأفضل الإحتفال باتفاقية كامب ديفيد والسلام وليس بحرب أكتوبرومن جهة أخرى لدى إسرائيل نظام صاروخي وسلاح جوي متقدم لضرب أي مكان في ايران، وأقوى جهاز مخابرات في الشرق الأوسط على الإطلاق يتيح لها تحديد بنك من الأهداف الحقيقية وضربها.
ومن جهة أخرى فإن تدخل ايران بشكل مباشر لدعم حزب الله يعني أن الولايات المتحدة ستتدخل ومعها أيضا بريطانيا وقوي غريبة أخرى سيكون هدفها حينها ضرب البرنامج النووي والقدرات العسكرية للجيش الإيراني.
ستشارك الأردن والقواعد العسكرية الأمريكية الموجودة في قطر وتركيا والعراق وسوريا بالهجمات على ايران واسقاط صواريخها وطائراتها.
سيؤدي هذا إلى هزيمة ايران رغم أن الحوثي والقوى الأخرى في العراق وسوريا ستعمل على ضرب إسرائيل والقواعد العسكرية والأمريكية في المنطقة.
ايران دولة براغماتية في النهاية
تبحث ايران في النهاية عن نفود في الشرق الأوسط ولأنها دولة امبريالية فهي تنظر إلى الشرق الأوسط وكأنه قطعة حلوى تريد منها نصيبها.
ورغم الشعارات المناهضة لإسرائيل واستخدام المذهب الشيعي وتبني عقائد معادية لليهود، إلى أن الدولة الحقيقية في ايران تبحث عن مصالحها.
من مصلحتها في الفترة الماضية توظيف القضية الفلسطينية وقصة محور المقاومة وخطر إسرائيل الكبرى من أجل حسد القطيع لصفها وتحقيق مصالحها.
مستقبلا في حال توصلت إلى اتفاق نووي حقيقي وسلام مع الغرب يمكن أن تذهب إلى التطبيع مع إسرائيل وتتخلى عن الخطاب العدواني ويتغير كل شيء.
المهم في النهاية أن تحصل ايران على ما تريد أو على اتفاق أفضل يضمن لها حصة من المصالح المالية والاقتصادية والتجارية في المنطقة.
إقرأ أيضا:
ماذا سيحدث بعد اغتيال حسن نصر الله؟
إلى أين تتجه الحرب في لبنان والتي أشعلها حزب الله الحسيني؟
تاريخ حرب حزب الله وإسرائيل من 1982 إلى اليوم
فرص عمل مغرية للأفارقة في الجيش الإسرائيلي
ما هو جهاز ووكي توكي أيكوم وهل يمكن تفجيره عن بعد؟
كيف تم تفجير أجهزة البيجر التي يملكها حزب الله؟
ما هو جهاز البيجر الذي انفجر في 3000 من مقاتلي حزب الله؟
المساعدات الامريكية لإسرائيل ومصر منذ الحرب العالمية الثانية
خازوق سوريا بشار الأسد لإيران وحزب الله
مميزات الشعاع الحديدي الإسرائيلي ومقارنة مع القبة الحديدية