بعد أشهر من حرب غزة يواجه سكان القطاع الفلسطيني ما هو أسوأ من القصف العسكري وهي المجاعة أو القاتلة الصامتة، التي تستطيع خفض عدد سكان أي منطقة بدون إراقة الدماء.
تاريخيا ارتبطت المجاعة بالجفاف لكن أيضا يمكن للحرب اشعالها، خصوصا وأنه في ظل القتال تتوقف التجارة ويمكن أن تعاني مناطق القتال من حصار عسكري.
وهذا من أسباب انتشار المجاعة في الصومال ومناطق أفريقية متعددة، حيث تعاني تلك المناطق من حروب أهلية وأيضا حروب بين الفصائل المتصارعة على السلطة، إلى جانب الجفاف والتغير المناخي.
كيف تحدث المجاعة وتنشأ في منطقة معينة؟
تحدث المجاعة عندما يواجه السكان نقصًا شديدًا في الموارد الغذائية، وعادة ما تكون نتيجة لعوامل مثل التجفيف، والجفاف، والحروب، والنزاعات المسلحة، وسوء التدبير الاقتصادي، واضطرابات الطبيعة، وغيرها.
تؤدي المجاعة إلى نقص حاد في الطعام والماء، مما يؤثر على صحة الأفراد ويزيد من خطر الأمراض والوفيات، يعاني الأطفال وكبار السن والأفراد الأكثر ضعفًا بشكل خاص من تداعيات المجاعة.
في حرب غزة من الطبيعي أن تنشا المجاعة لأنه تم اغلاق المعابر البرية ولم تعد المساعدات والسلع تصل إلى القطاع بصورة كبيرة، كما أن هناك التجار الكبار المحتكرين للسلع في القطاع والذين يبيعون السلع بالدولار أو الشيكل وبمقابل أعلى نظرا لندرتها.
حاليا تلك السلع بيعت وتم استهلاكها وأصبحت المخازن خاوية، كما أن المساعدات التي تم إلقاءها من الجو على القطاع لا تزال قليلة جدا مقارنة بالإحتياجات، وأخرى ضاعت أو سرقت.
إقرأ أيضا:لماذا تقف الأردن والدول العربية إلى جانب إسرائيل؟الأطفال والبهائم أولى ضحايا المجاعة
يحتاج الأطفال إلى كميات من الحليب والأكل يوميا وهم الأكثر إحساسا بالجوع، لذا عندما تفشل أسرهم في تأمين احتياجاتهم، يعاني هؤلاء من الفشل الكلوي والإنهيار العصبي وانهيار الصحة بعد أن يحرق الجسم مخزونه من الدهون.
في نفس الوقت يستهلك الناس اللحوم، ويلجؤون إلى ذبح الأبقار والماشية لتلبية الطلب على الأكل، وبعد ذلك ينتقلون إلى الحمير والكلاب والخنازير البرية واصطياد الطيور، والأخيرة تبدأ في تجنب التواجد بتلك المناطق.
ويكون الأطفال الصغار أكثر عرضة للإصابة بالمجاعة وتأثيراتها الخطيرة، ويعتمد الأطفال على التغذية الجيدة لنموهم وتطورهم الصحيحين، ونقص الغذاء الذي يحدث في المجاعة يؤثر بشكل كبير على صحتهم ويزيد من خطر الوفاة المبكرة.
ثم تستهدف المجاعة النساء الحوامل والمرضعات من اللواتي يتطلب احتياجات غذائية ورعاية صحية خاصة، ومع نقص الغذاء يؤثر على صحتهن وصحة الأطفال الذين يحملنهم أو يرضعنهم، وقد يزيد النقص الغذائي من خطر ولادة مبكرة ومشاكل في النمو والتطور وكذلك وفاة الحوامل.
عدد قتلى الحرب العالمية الثانية وقتلى مجاعة الصين 1959
عانت البشرية من كوارث كبرى، وخلال القرن الماضي شهدت الحرب العالمية الثانية ومجاعة الصين، وكلاهما من صنع الإنسان.
تسبب صعود اليمين القومي في ألمانيا واليابان وإيطاليا في اشعال الحرب العالمية الثانية، وكان مجموع عدد القتلى خلال 6 سنوات من القتال في شتى بقاع العالم سقوط 50 مليون قتيل.
إقرأ أيضا:لماذا أراد الملك الحسن الثاني انضمام اسرائيل للجامعة العربية؟ومن جهة أخرى تسبب الزعيم الصين ماوتسي تونغ في كارثة زراعية في بلاده، وتم تنفيذ سياسات الحزب الشيوعي الصيني المعروفة باسم “القفزة الكبرى” أو “الثورة الثقافية الكبرى” في عام 1958، ما أدى الى اندلاع مجاعة استمرت 3 سنوات قتل فيها حوالي 50 مليون انسان.
لماذا المجاعة أسوأ من الحرب؟
احتاجت المجاعة إلى 3 سنوات للقضاء على 50 مليون التي قتلت في حرب عالمية استمرت 6 سنوات وحصلت أحداثها المهمة في مختلف قارات العالم خصوصا أوروبا وآسيا.
وعلى مر التاريخ شهدت البشرية مجاعات كبرى تسببت في خفض عدد سكان المناطق المتضررة بحوالي النصف وأكثر، لكن تراجعت وتيرة حدوثها بعد عصر العولمة وترابط السلاسل الإنتاجية الغذائية العالمية.
تتسبب المجاعة في نقص حاد في إمدادات الغذاء، وتعرض السكان لخطر الموت جوعًا، في حالات المجاعة يواجه الناس نقصًا حادًا في الطعام والمياه، مما يؤدي إلى ضعف النظام المناعي وزيادة خطر الأمراض والوفيات الناجمة عن سوء التغذية.
إقرأ أيضا:فيروس الإخوان المسلمين يزدهر في حرب غزةعلى عكس الحروب التي قد تنتهي بعد فترة زمنية معينة، فإن المجاعات يمكن أن تستمر لفترة طويلة وتؤثر على السكان لسنوات، إن تأثير المجاعة يمتد بعد انتهائها، حيث يحتاج السكان المتضررون إلى وقت طويل لاستعادة القوة وإعادة بناء البنية التحتية المدمرة.
إقرأ أيضا:
المجاعة هي التي ستقتل العرب في الحرب النووية
آثار المجاعة وسوء التغذية على الأطفال
خطة المغرب لزيادة إنتاج الأسمدة بنسبة 70٪ لمكافحة المجاعة العالمية
من واجب الشركات مكافحة المجاعة في العالم
المجاعة في الكتاب المقدس هي أكثر من مجرد لعنة
5 مراحل السقوط من الأمن الغذائي إلى المجاعة