بعد سنوات من الجفاف في غرب أفريقيا، جاء الاستمطار الإصطناعي الذي نفذه المغرب في أجوائه، والإمارات في ولاية آدرار بشمال موريتانيا بنتائج إيجابية.
وليست هذه أول مرة يتم تطويع المناخ في العالم لزيادة التساقطات المطرية وإنقاذ الفلاحية التي تعتمد في كثير من الأحيان على التساقطات المباشرة.
برنامج الغيث المغربي
برنامج “الغيث” هو مبادرة للاستمطار الاصطناعي أطلقها المغرب منذ منتصف ثمانينيات القرن الماضي للتخفيف من آثار الجفاف وزيادة معدلات هطول الأمطار، يتم تنفيذ البرنامج عبر طريقتين:
عملية أرضية: تستخدم مولدات يتم وضعها فوق قمم الجبال لإطلاق مواد كيماوية نحو السحب.
عملية جوية: تتم عبر طائرات تقوم برش مواد كيماوية على السحب.
في السنوات الأخيرة، استثمر المغرب حوالي 160 مليون درهم (حوالي 14.7 مليون يورو) في برنامج “الغيث” بين عامي 2022 و2023، مع تخصيص 10 ملايين يورو إضافية في عام 2023 لتعزيز جهود الاستمطار الاصطناعي
تساهم في تمويل البرنامج وزارات الداخلية والاقتصاد والمالية والفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات وإدارة الدفاع الوطني والدرك الملكي.
يساهم البرنامج في زيادة معدلات هطول الأمطار بنسبة تتراوح بين 14 و17 في المئة.
نجح البرنامج في التخفيف من آثار الجفاف الذي ضرب الاقتصاد المغربي بشدة خلال الفترة ما بين 1979 و1983.
إقرأ أيضا:الريد بيل المناهضة للنساء حركة إرهابية في بريطانياأصبح المغرب يقود تجربة رائدة في مجال الاستمطار الاصطناعي على مستوى القارة الإفريقية، وقدم دعما لدول أفريقية أخرى كمالي وبوركينافاسو والسنغال.
برنامج “الغيث” هو جهد مستمر للتكيف مع تحديات الجفاف والتصحر التي تواجه المغرب والعديد من الدول الإفريقية، ويعتبر البرنامج نموذجا للتعاون الإقليمي في مواجهة التغيرات المناخية.
مواجهة الجفاف العنيف في المغرب
ويسعى المغرب بنشاط إلى استخدام تقنية تلقيح السحب الاصطناعية كاستراتيجية لمكافحة ظروف الجفاف الشديد التي تؤثر على البلاد.
وكان برنامج الغيث، الذي بدأ بالتعاون مع الوكالة الأميركية للتنمية الدولية في ثمانينيات القرن العشرين، محورياً في هذه الجهود.
ويهدف البرنامج إلى زيادة هطول الأمطار من خلال تلقيح السحب اصطناعياً، وهي التقنية التي نالت الاهتمام والقلق، وخاصة من إسبانيا المجاورة.
استجابة للجفاف المستمر، الذي شهد انخفاضًا في هطول الأمطار بنسبة 67٪ خلال الأشهر الأخيرة، خصصت المغرب ما يقرب من 10 ملايين يورو لمبادرات تلقيح السحب في عام 2023 وحده.
ومن المتوقع أن تعمل هذه التكنولوجيا على تعزيز معدلات هطول الأمطار بنحو 4٪، مما قد يؤدي إلى زيادة الإنتاجية الزراعية بنسبة تصل إلى 20٪.
تشرف المديرية العامة للأرصاد الجوية على هذه العمليات، والتي تنطوي على استخدام مواد كيميائية مثل يوديد الفضة وكلوريد الصوديوم لتحفيز هطول الأمطار من السحب المناسبة.
إقرأ أيضا:حقيقة الهولوغرام وتقنيات هوليوود في هجمات 11 سبتمبرمشاكل برنامج الغيث
أعرب الخبراء عن تشككهم في فعالية عملية تلقيح السحب، مشيرين إلى أنها تتطلب ظروفاً جوية محددة لتكون ناجحة وقد لا تسفر عن نتائج كبيرة في جميع السيناريوهات.
بالإضافة إلى ذلك، في حين تنظر المغرب إلى عملية تلقيح السحب باعتبارها أداة حاسمة للتخفيف من ندرة المياه، هناك مخاوف بشأن تأثيراتها البيئية المحتملة، وخاصة في إسبانيا.
تشير التقارير إلى أن تغيير أنماط الطقس قد يؤدي إلى عواقب غير مقصودة مثل الفيضانات وتآكل التربة في المناطق المجاورة.
إن الجفاف المستمر في المغرب، والذي استمر لمدة ست سنوات متتالية، يسلط الضوء على الحاجة الملحة لمعالجة ندرة المياه من خلال أساليب مبتكرة.
وقد أكد الملك محمد السادس على أهمية البرنامج الوطني لإمدادات المياه الصالحة للشرب والري (2020-2027) إلى جانب مبادرات تلقيح السحب.
ومع ذلك، فإن الآثار الجيوسياسية لتلقيح السحب، وخاصة فيما يتعلق بتأثيراتها على البلدان المجاورة، لا تزال موضوع نقاش وقلق في المنطقة.
جهود الإمارات لمكافحة الجفاف في موريتانيا
في الجارة الجنوبية والتي تشهد نشاطا متصاعدا للفلاحة والتي حققت الإكتفاء الذاتي من انتاج الأرز، لجأت موريتانيا إلى التقنية نفسها بالتعاون مع الإمارات.
تستخدم حكومة الإمارات العربية المتحدة عملية تلقيح السحب لتكملة مواردها المحدودة من المياه العذبة، والتي تتعرض لضغوط بسبب التصنيع السريع والنمو السكاني.
إقرأ أيضا:تداعيات حرب غزة على الشرق الأوسط وشمال أفريقيايشرف المركز الوطني للأرصاد الجوية على عمليات تلقيح السحب، باستخدام رادارات الطقس لمراقبة الظروف الجوية بشكل مستمر.
يمكن أن تعزز هذه التقنية هطول الأمطار بنسبة 30-35٪ في الظروف المثالية وما يصل إلى 10-15٪ في الأجواء الأكثر رطوبة.
أعلن مركز الأرصاد الإماراتي عن تنفيذه أول عملية استمطار للسحب في ولاية آدرار بشمال موريتانيا، وهذا بالتوازي مع بداية استخدام المغرب للتقنية على مدى أوسع منذ أواخر أغسطس.
نتائج جهود المغرب والإمارات
لا تزال الجهود في بدايتها، لكن شهدت دول غرب أفريقيا مؤخرا تساقطات أمطار كبيرة تسببت في سيول وفيضانات خصوصا في المناطق التي تعاني من الجفاف.
ومن جهة أخرى شهدت موريتانيا وغرب الجزائر ومالي والسنغال فيضانات وتساقطات مطرية كبيرة، امتلأت على إثرها الكثير من السدود.
كما تراجعت الموجات الحرارية بشكل غير معهود، خصوصا وأن الموجات الحرارية تستمر بعد الصيف في هذه المنطقة إلى شهر نوفمبر بسبب التغير المناخي.
ولا ينوي المغرب إيقاف الإستمطار الإصطناعي حيث يأمل في زيادة التساقطات المطرية خلال الفصل الفلاحي الجديد وملء السدود، في الوقت الذي يعمل فيه على عشرات مشاريع تحلية مياه البحر وتشييد سدود جديدة للإستفادة من الفيضانات والسيول المختلفة.
إقرأ أيضا:
من الصلاة والدعاء لجلب المطر إلى الإستمطار الإصطناعي
أسباب أزمة العطش وندرة المياه التي تجتاح دول العالم
لماذا يشتري الأردن المياه من إسرائيل؟
الجفاف العالمي وعام نهاية العالم 2024
التغير المناخي: حرائق الغابات والفيضانات والجفاف وارتفاع الحرارة