دائما ما يكرر المسلمين عبارة (إن الإسلام إذا حاربوه اشتد وإذ تركوه امتد)، رغم ذلك يشعرون بالخوف من الفلسفة والإلحاد وأي فكر مخالف ويلجؤون إلى التضييق واضطهاد المخالفين.
حبس شريف جابر 5 سنوات إضافية كي تصل مدة سجنه إلى 9 سنوات في المجموع، فقط لأنه ينشر مقاطع فيديو يناقش فيها معتقداته وتشكيكه في الدين الإسلامي هو أحدث مثال على ذلك.
المدون المصري الذي يشتهر بمقاطع الفيديو التي ينشرها على قناته بيوتيوب، والتي يأتي فيها بالأدلة والبراهين القوية على بشرية الأديان، أزعجت الإسلاميين والمسلمين الذين يشعرون بالخطر من مقاطع الفيديو التي ينشرها والتي تحقق في المتوسط مليون مشاهدة.
وازداد عدد اللادينيين العرب في السنوات الأخيرة مع انتشار الإنترنت والتنوير على المنتديات والفكر وانفتح الناس على الديانات المختلفة والفلسفات المتنوعة.
وكان الوصول إلى المعرفة الدينية المتعمقة في الأصل حكرا على من يدرسون الشريعة، إضافة إلى المتعمقين في الفلسفة، مع حظر الدول العربية لعدد من الكتب والمراجع التي يخشون أنها ستنشر موجة الشك في العالم العربي.
لكن في عصر الإنترنت انفتح الشباب على المفكرين من مختلف التيارات، منهم القرآنيين والباطنيين والصوفيين وأهل الطاقة والكارما (حركة العصر الجديد) وكذلك على الإلحاد والعقلانية والعلمانية والتنوير..
وهذا سمع للشباب باكتشاف الأكاذيب التي يروج لها رجال الدين المسلمين عن المخالفين، ومنها على سبيل المثال الإدعاء بأن اليهود يدعون أن عزير ابن الله، وكذلك اكتشفوا أن الأديان تتشابه في تاريخها وقصتها وقمعها لبغضها البعض، وأن النبوة مستمرة حيث جاء بهاء الله بعد النبي محمد وانتشرت رسالته..
إقرأ أيضا:بنيامين نتنياهو: لاعب الشطرنج الذي دمر الأغبياء المتهوريناكتشف الشباب أيضا أن الحرب على الإسلام ونظريات المؤامرة التي يروج لها المسلمون مبالغ فيها كثيرا وهي تشويه لحقائق أو اخراج عدد من الأحداث من سياقها الصحيح وذلك من أجل التأكيد على صحة الإسلام وأن بقية الديانات والمعتقدات خاطئة وتتآمر جميعها على الإسلام.
على سبيل المثال تآمر اليهود والنصارى على الإسلام، اكتشفنا أنها مبالغة وإخراج الأحداث عن سياقها التاريخي، وإلى القرن الماضي كانت هناك عداوة بين اليهود والمسيحيين في حرب استمرت منذ مقتل المسيح وبداية اضطهاد اليهود على يد المسيحية.
ويأتي حبس شريف جابر بالتوازي مع حرب إسلامية إعلامية شرسة على مركز تكوين الفكر العربي، وهي مؤسسة فكرية مصرية تم اطلاقها مؤخرا من أجل نشر العقلانية.
وقد لجأ رجال الدين في مصر وعلى رأسهم الأزهر إلى المنابر الإعلامية لتكفير هؤلاء المفكرين، واتهام المؤسسة بأنها تنشر الإلحاد والعدمية في العالم الإسلامي وتحظى بتمويل حكومي واماراتي وربما غربي ضخم.
كما يتلقى هشام المصري، وهو مدون ومفكر مصري، وسلفي سابقا وملحد حاليا، تهديدات أيضا بمتابعته قضائيا، مستغلين قانون ازدراء الأديان.
بفضل هذا القانون يمكن لأي محامي مسلم أو شخص مصري أن يلجأ إلى القضاء ضد أي مدون مصري أو كاتب أو شخصية عامة واتهامه بنشر الإلحاد.
من التهم الموجهة إلى شريف جابر، نجد “سب الدين الإسلامي، والتطاول على “الله عز وجل”، وتعمد الإساءة للدين بدعوى حرية الرأي والتعبير”.
إقرأ أيضا:لماذا تقف الأردن والدول العربية إلى جانب إسرائيل؟والحقيقة أن فيديوهات الشاب لم تتضمن أي ألفاظ بديئة ضد الله أو الإسلام، بل كانت حضارية وتناقش الفكر الإسلامي والديني والمعتقدات التي تبدو أقل حضارية من الفكر الإنساني الحديث.
كما تطرق الشاب إلى الإعجاز العلمي في القرآن وفنده، حيث كشف أن الكثير من فلاسفة اليونان سبقوا القرآن إلى الإكتشافات الموجودة به، وهذا الفيديو بالضبط شكل صدمة للمسلمين.
ويراهن المتدينين أنه من خلال حبس شريف جابر وأمثاله أو حتى قتلهم كما فعلوا من قبل مع فرج فودة، يمكنهم إيقاف الإلحاد والعقلانية في العالم الإسلامي والعربي.
وتشير الإحصائيات إلى أن الشك والردة منتشرين للغاية بين الشباب سواء الأصغر سنا أو الأكبر، وفي هذا الصدد قال الدكتور أسامة الحديدي، مدير مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، أن وحدة بيان التي تم اطلاقها هذا الشهر لمواجهة الإلحاد استقبلت أكثر من 380 ألف حالة مرتبطة بالإلحاد.
وتشير بعض الأرقام إلى وجود 10 مليون ملحد على الأقل في مصر، وملايين من المشككين، وأغلبهم ملحدين صامتين، ونفس الظاهرة تشهدها الدول العربية الأكثر مثل المغرب والجزائر وتونس والسعودية…
إقرأ أيضا:الزواج شكل من أشكال العبودية بشهادة الإسلامويشكل حبس شريف جابر رسالة واضحة إلى أن الملحدين ومضطهدين فعلا في العالم العربي والإسلامي، وهو ما سيدفع المزيد من الشباب إلى التعاطف معه وترك الدين الذي يمارس أتباعه الإستبداد والقمع.
إقرأ أيضا:
الحقيقة وراء الحرب الإسلامية المسيحية ضد مؤسسة تكوين الفكر العربي
الإلحاد ممنوع في الماسونية والملحد غير مرحب به
خرافة الإلحاد من أجل الشهوات التي يرددها رجال الدين
ما الفرق بين العدمية والإلحاد؟
كيف ساهم رجال الدين والإسلام السياسي في ازدهار الإلحاد؟
ما لا يخبرونك به في درس الإلحاد بين الوهم والحقيقة
الناشطة الإخوانية التي اعتنقت المسيحية تحذر من الإسلام والإلحاد
قوة الإلحاد في الفلسفة البوذية والديانات الأسيوية
ثورة الإلحاد وخروج المسلمين من الإسلام أفواجا