منذ اللحظة الأولى للإعلان عن مؤسسة تكوين الفكر العربي، والمؤسسة التنويرية، تتعرض للحرب الدينية خصوصا من الأزهر والسلفيين والإخوان لينضم إليهم الأقباط المسيحيين.
الحرب الإسلامية المسيحية ضد مؤسسة تكوين الفكر العربي أصبحت واضحة، بعد أن أعلن الأنبا إرميا رئيس المركز الثقافي القبطي الأرثوذكسي، تضامنه مع بيان الدكتور أسامة الأزهري، مستشار رئيس الجمهورية للشؤون الدينية، بشأن إنشاء مركز تكوين للفكر العربي.
الأنبا إرميا يورط الأقباط في الحرب ضد مؤسسة تكوين الفكر العربي
وجاء في بيانه: «بسم الإله الواحد الذي نعبده جميعًا. بعد أن تواصل هاتفيًا معي فضيلة الأستاذ الدكتور أسامة الأزهري بخصوص مركز تكوين، نعلن أننا نسعى جميعًا للحفاظ على الثوابت الدينية كما تسلمناها، دون أي تغيير، ونرفض بشدة ولا نقبل إنكار السنة المشرفة والتقليد الكنسي السابق للكتاب بعهديه القديم والجديد الذي نقل لنا كل ما يحدث في المسيحية من شعائر وصلوات… إلخ».
وقد اتهم أعضاء مؤسسة تكوين الفكر العربي بأنهم يريدون زعزعة استقرار مصر من خلال دعم الإلحاد وأنهم يتلقون تمويلا سخيا من أطراف مثل الماسونية.
الهجوم الشرس على المؤسسة التي بدأت أنشطتها حديثا، وليس واضحا حتى الآن إنجازاتها على الساحة، يعد تسرعا من المنظومة الدينية التي ترفض أي صوت مخالف.
وتابعنا الهجوم الذي كان هباطا للغاية، حيث وصل على التحريض على قتل المفكر والإعلامي إبراهيم عيسى، وبقية الأفراد المؤسسين للمؤسسة.
إقرأ أيضا:ما هو المقترح المصري القطري لوقف إطلاق النار في غزة؟كما لاحظنا التحرش في منصات التواصل ببعض النساء الموجودات في الحفل مثل الكاتبة والمفكرة المصرية النسوية فاطمة ناعوت.
هجوم شرس غير أخلاقي على التنوير في مصر
وتعد مصر واحدة من الدول التي تعاني من التشدد الديني والتشوه الأخلاقي، حيث التدين الظاهري والأخلاق المتدنية لدى شريحة واسعة من الشعب المصري يضرب بها اليوم المثل على التخلف.
وكانت مصر في القرن الماضي وقبل موجة الإخوان المسلمين والوهابية السلفية، بلدا أكثر تحضرا خصوصا في المناطق الحضارية وكان المستوى التعليمي والأخلاقي أفضل ومعدلات التحرش متدنية للغاية.
ومن شأن نجاح مؤسسة تكوين الفكر العربي أن يؤثر على بقية الدول العربية التي تتأثر عادة بالثورات الفكرية التي تحدث بأكبر بلد عربي من حيث عدد السكان.
وبينما تتجه دول الخليج وفي صدارتها السعودية والإمارات إلى الإنفتاح والقطيعة مع السلفية والوهابية، تحولت مصر إلى حاضنة لهذا الفكر المتشدد وتعاني الحكومة لأن غالبية الشعب لا يزال يرى حل مشاكله في تطبيق الشريعة.
وأدان بعض رموز السلفية مثل الشيخ محمد حسان تأسيس مؤسسة تكوين الفكر العربي، وأسس الأزهر وحدة خاصة بمكافحة الإلحاد والرد على الشبهات، واستنفر رجال دين كثيرين للرد على ذلك.
ماذا وراء الهجوم على مؤسسة تكوين الفكر العربي؟
انشاء هذه المؤسسة بدعم من الحكومة المصرية وربما دعم اماراتي، إشارة مرعبة للأزهر ورجال الدين، الذين اعتادوا منذ عقود طويل على التمويل السخي من الحكومات خصوصا الخليجية.
إقرأ أيضا:مخاوف ايران من ممر زنغزور الذي تدعمه روسيا والناتووتدعم قطر الإخوان المسلمين، كما يحصل السلفيين إلى وقت قريب جدا على الدعم المالي من الكويت، وكانت السعودية تمول الوهابية والسلفية قبل أن تنقلب عليهم، وتدعم مصر الأزهر أو الأشاعرة، فيما المغرب والجزائر والإمارات يمولون الصوفية.
ويعد الدين أساسيا في الدول العربية حيث يحرك الشعوب وبه يتم السيطرة على القطيع، ويستخدم أيضا في الصراعات السياسية كما فعلت قطر وتركيا اللتان تفضلان الإخوان، وايران التي تدعم الشيعة ونشر التشيع في العالم العربي.
توجه الحكومة المصرية إلى دعم فصيل علماني تنويري، يعني في حال نجاح هذه التجربة أن الدول العربية الأخرى ستتجه إلى انشاء مؤسسات شبيهة وتمويلها وسيصل التمويل أخيرا إلى العلمانيين والملحدين المحرومين من الدعم في هذه الدول.
وهذا يعني أن التمويل حينها سينخفض أو يختفي للمؤسسات الدينية التقليدية والجماعات الإسلامية، وهذا ما أرعب رجال الدين بالدرجة الأولى وليس الخوف من انتشار العقلانية والإلحاد.
من المعلوم أنه في السنوات الأخيرة وبعد انفضاح أمر الإسلام السياسي وكذلك انتشار الوعي ونقد الدين والموروث، هناك صحوة فكرية وصعود الشك والإلحاد، ومن شأن تقنين هذه الظاهرة ودعمها من الحكومات أن يجعل المؤسسات الدينية أقل أهمية في علاقة السلطة مع الشعب.
تراجع دعم الحكومات للدين يعني أن الأموال ستضمحل وسيتوقف الدعم السخي سواء للمؤسسات الدينية الإسلامية والمسيحية الرسمية أو الجماعات السياسية الإسلامية الأخرى.
إقرأ أيضا:ماذا يعني اجتياح أوكرانيا لروسيا؟مؤسسة تكوين الفكر العربي تخاطب الجميع
تخاطب المؤسسة الجديدة الجميع وهي لا تميز بين مسيحي ومسلم، وهي موجهة للناطقين بالعربية، وتلقيها الدعم السخي واضح من خلال حفل الإفتتاح.
لكن التمويل السخي الذي يتلقاه رجال الدين والمؤسسات الدينية لا يزال الأكبر في المنطقة، وهناك على ما توجه لدعم الإسلام الوسطي ممثلا في الصوفية، وسحب التمويل عن بقية المذاهب الإسلامية التي تدعم التطرف بشكل أو بآخر.
ويكشف هجوم الأزهر والسلفيين على مؤسسة تكوين الفكر العربي وإصدار الأحكام المسبقة، أنهم أطراف يرفضون التنوير والنقاش العقلاني ويفضلون قمع العقل العربي.
وقد طالب عدد منهم بإغلاق المؤسسة والتراجع عن هذه التجربة الفريدة من نوعها، وقد استخدموا كل أساليبهم في شيطنة الغير إضافة إلى الترويج المدفوع واستخدموا أيضا وسائل الإعلام المحافظة لضرب هذه المؤسسة.
إقرأ أيضا:
الإلحاد ممنوع في الماسونية والملحد غير مرحب به
خرافة الإلحاد من أجل الشهوات التي يرددها رجال الدين
ما الفرق بين العدمية والإلحاد؟
كيف ساهم رجال الدين والإسلام السياسي في ازدهار الإلحاد؟
ما لا يخبرونك به في درس الإلحاد بين الوهم والحقيقة
الناشطة الإخوانية التي اعتنقت المسيحية تحذر من الإسلام والإلحاد
قوة الإلحاد في الفلسفة البوذية والديانات الأسيوية
ثورة الإلحاد وخروج المسلمين من الإسلام أفواجا
هل العلمانية ضد الدين ولماذا يربطها البعض مع الإلحاد؟