شكلت محاكاة العشاء الأخير في افتتاح أولمبياد باريس صدمة لمختلف الكنائس حول العالم، والتي حضرها مثليين ومتحولين جنسيا ونساء وأفارقة ورجال.
واتهم اليمين المسيحي السلطات الفرنسية بإهانة المسيح يسوع والذي يعد رمزا مهما في الديانة المسيحية التي انشقت عن اليهودية.
كما عبر العرب والمسلمون أيضا عن غضبهم من الحفل الذي كان مريبا لهم حيث يعد عيسى من أهم الأنبياء في الديانات الإبراهيمية.
لكن الحفل بالنسبة لنا حمل رسائل مهمة كانت موجهة للداخل وأيضا للخارج، في ظل صعود اليمين المسيحي في مختلف الدول والذي يحارب المثلية والأقليات.
فرنسا ليست دولة مسيحية كما يريد اليمين المتطرف المناهض للأقليات المسلمة واليهودية والمثليين، والذي أنتج النازية، وقبل ذلك كان عدوا للثورات الأوروبية التي دعمتها الماسونية ووقفت فيها الكنيسة إلى جانب الحكام المستبدين.
اليمين المسيحي تمثله اليوم مارين لوبان في فرنسا والتي سقطت في الجولة الثانية من الانتخابات الفرنسية، بعد أن دعا زعماء الماسونية الفرنسية إلى منع وصولها إلى الحكم.
وقد انتصر اليسار في النهاية وهو المتساهل مع المهاجرين والداعي إلى انصهار الثقافات ويؤمن بأفكار العولمة ومشاريع المواطنة العالمية رغم أنه له عيوب.
في افتتاح أولمبياد باريس تؤكد فرنسا أنها بلد الحرية والعلمانية وهي التي أنجبت رموز التنوير أمثال فولتير، وجان جاك روسو، ومونتسكيو، ودنيس ديدرو.
إقرأ أيضا:6 تداعيات ناتجة عن اغتيال حسن نصر اللهومنها تخرج الأبطال الذين حاربوا الإحلال العسكري الغربي لدول أفريقيا وأمريكا الجنوبية، وارتبط بمحافلها الماسونية كل من جمال الدين الأفغاني ومحمد عبده وعبد القادر الجزائري.
قدم حفل افتتاح دورة الألعاب الأولمبية في باريس 2024 رسالة جريئة تمحورت حول موضوعات الشمولية والتنوع والحرية.
ويهدف المنظمون إلى استخدام المنصة العالمية للألعاب الأولمبية لتعزيز هذه القيم، مما يعكس التزام فرنسا بحقوق LGBTQ+ والتعبير الفني.
تضمنت العناصر الرئيسية للحفل لوحة مثيرة للجدل تحاكي لوحة “العشاء الأخير” لليوناردو دافنشي، والتي تضم ملكات السحب وعارضة متحولة جنسياً.
أثار هذا المقطع رد فعل عنيفًا كبيرًا من الجماعات المحافظة والدينية، خاصة داخل المجتمع الكاثوليكي، الذي اعتبره غير محترم ومسيء.
وانتقد نائب رئيس الوزراء الإيطالي ماتيو سالفيني الصورة ووصفها بأنها “مهلهلة”، في حين أعرب العديد من السياسيين والمعلقين عن غضبهم على وسائل التواصل الاجتماعي، بحجة أنها أهانت مليارات المسيحيين في جميع أنحاء العالم.
ورغم الانتقادات، دافع المدير الفني توماس جولي عن الحفل، مؤكدا أنه يهدف إلى الاحتفاء بحرية التعبير والحق في الحب دون قيود.
وقال: “في فرنسا، لدينا حرية فنية، ونحن محظوظون لأننا نعيش في بلد حر” ويهدف إلى إيصال رسالة الوحدة من خلال التنوع.
لم يكن الحفل مجرد عرض للثقافة الفرنسية فحسب، بل كان أيضًا انعكاسًا للمناقشات المجتمعية المعاصرة حول الشمولية والتمثيل.
إقرأ أيضا:اسبانيا تعترف بفلسطين: لماذا الآن وهل مدريد صادقة؟وكان المنظمون يعتزمون أن “يثير التفكير” في هذه القضايا، مؤكدين أن الحفل كان تمثيلاً لقيم فرنسا ومبادئها، على الرغم من ردود الفعل المتباينة التي لقيها من جماهير مختلفة في جميع أنحاء العالم.
وصرح رئيس باريس 2024، توني إستانغيت، أن الحفل يهدف إلى “إظهار قيمنا ومبادئنا” و”تحفيز التفكير” حول هذه المواضيع المهمة.
وأكد المدير الفني توماس جولي أن الهدف لم يكن التخريب ولكن الإحتفال بالتنوع والشمول، قائلاً: “كانت فكرتنا هي الشمول” وأنهم يريدون “إدراج الجميع” في الإحتفال.
ورغم تزايد عدد المثليين وكشف المزيد من الناس أن لديهم توجهات جنسية وعاطفية مثلية، إلا ان المجتمعات الأوروبية والغربية لا تزال غير منفتحة كليا على ذلك.
إقرأ أيضا:ماذا يفعل الجيش المصري في الصومال ولصالح من سيقاتل؟لذا تعمل الحكومات العلمانية وعلى رأسها فرنسا التي تفضل الصدام مع الديانات وأنماط التفكير المحافظ، على تشجيع انصهار الثقافات وتعايش الناس مع بعضهم البعض بعيدا عن التمييز والعنصرية.
إقرأ أيضا:
الماسونية الفرنسية ترفض حكم اليمين المتطرف في فرنسا وبقية العالم
قصة الحزب المناهض للماسونية الأمريكي اليميني المتطرف
من هو صديق اسرائيل؟ دونالد ترامب أم جو بايدن؟
الماسونية تجدد تأكيدها على حظر اختلاط الرجال والنساء
الإلحاد ممنوع في الماسونية والملحد غير مرحب به
غاليليو غاليلي (1564-1642): قديس الماسونية
ماذا يعبد الماسونيين؟ نظرة على عقيدة الماسونية
العلاقة بين مصر القديمة والماسونية وتشابه رموزهما
دور الماسونية في استقلال الجزائر
هل الماسونية منظمة شريرة وما هي ممارساتهم التي تثير الشكوك؟